المقال مترجم وستجدون رابط المقال الأصلي في النهاية.
______________
سنطرح في هذه المقالة بعض الاقتباسات القوية التي كانت لها أثر كبير في تغيير تاريخ العالم. بعض هذه الاقتباسات قوية لدرجة أنها أدت إلى ولادة حروب عالمية عند لفظها, وبعضها قمعت عواصف كانت تهدد سلام البشرية! ومع ذلك بعضها لا يزال يلهم الكثير ويحدث تغييراً في العقليات وتشكيل المجتمعات. هذه الكلمات حولت حياة الملايين, ورسمت طرق جديدة لأجيال المستقبل.
- جاليليو جاليلي
“Eppur si muove!”
ومع ذلك, هي تتحرك !
في كل قرن من الزمان, يأتي شخص ما بثورة جديدة مكونة من ثلاث كلمات فقط! الرياضي والفيزيائي الإيطالي جاليليو جاليلي كان لديه رأي مختلف في مسألة حركة الشمس والأجرام السماوية بالنسبة للأرض. لكن الكنيسة كان لها إيمان تام بأن الشمس والأجرام السماوية جميعهم يدورون حول الأرض, هذا الاعتقاد جعل المؤمنين من المسيحيين يلتزمون التزاماً تاماً بكلمات الكتاب المقدس كما فسرها لهم علماء الدين. في عهد محاكم التفتيش (المحاكم التابعة للنظام الكاثوليكي), وعهد الاحتراس من شبهات اعتقادات الباغان , كانت آراء جاليليو ومحاولاته لنشرها كلها تعتبر هرطقات. وفي ذلك العهد كان العقاب لمثل هذه الهرطقات التعذيب والموت. وقد خاطر جاليليو بحياته لكي يعلم الكنيسة عن مدى خطأ اعتقادها في هذا الأمر. ولكن آراء متعصبي الكنسية كانت صامدة وباقية, وقد حكموا بقطع رأسه.
جاليليو ذو الـ 68 عاماً وجد صعوبة في أن يخسر حياته لمحاكم التفتيش لمجرد حقيقة أراد اثباتها! ولذلك قدم اعترافاً عاماً بأنه كان على خطأ, قائلاً:
” كنت قد آمنت واعتقدت أن الشمس هي مركز الكون, وأنها تتحرك, وأن الأرض ليس هي المركز, وأيضاً تتحرك, ولذلك أرغب في أن تقع هذه الشبهات العنيفة على عاتقي وحدي, وليس على عقول سموكم المقدس وعقل أي مسيحي كاثوليكي. وبإخلاص وبيقين أنكر وألعن وأمقت تلك الأقوال المغلوطة والهرطقات, وكل قول وخطأ مناقض للكنيسة المقدسة. وأقسم أنني لن أقول أو أجزم أي شيء, سواء شفهياً أو خطياً, قد يؤدي إلى وقوعي في أي شبهات كهذه. وإن سمعت أحداً يهرطق أو يشتبه وقوعه في هرطقة, سأبلغ عنه لهذا المكتب المقدس, أو لمحاكم التفتيش, وأقسم أنني سأنفذ أي حكم يصدر بحقي من هذا المكتب المقدس, لكي أكفر عما بدر مني”
جاليليو جاليلي, البراءة, 22 تموز 1633 م
الاقتباس السابق “ومع ذلك تتحرك!” وجد في لوحة أسبانية. ولازال غير مؤكد أن جاليليو هو من قال تلك الكلمات, ولكن المؤكد أن جاليليو قد لفظ تلك الكلمات في أنفاسه الأخيرة, بعد أن أجبر على نكران أرائه. كانت لحظة نكران جاليليو هي من أهم الأحداث في تاريخ العالم, والتي تبين الكبت الذي تواجهه الأفكار المتحررة والعلمية من قبل فئة قليلة ذات سلطة قوية. البشرية ستبقى دائماً مدينة لهذا العالم الجريء, جاليليو, الذي عُرِف بـ “أبو الفلك الحديث” و “أبو الفيزياء الحديثة” و “أبو العلم الحديث”.
- كارل ماركس و فريدريك انجلز
“Workers of the world, unite!”
” أيها العمال من جميع العالم, اتحدوا “
هذه الكلمات تمثل ذكرى بزوغ الشيوعية تحت قيادة شخصان من المفكرين الألمان, وهم كارل ماركس وفريدريك انجلز.
عانت الطبقة العاملة سنوات من الاستغلال, والظلم و التفرقة خلال فترة الرأسمالية الأوروبية. تحت الطبقة الغنية القوية, المكونة من رجال الأعمال, والتجار, والمصرفيين, والصنّاع, عانت الفئة العاملة والطبقة الكادحة حالات عيش لا إنسانية. الخلاف المستعر كان قد بدأ فعلاً بالنشوء في داخل الطبقات الفقيرة. وفي أثناء تنافس الدول الرأسمالية للحصول على قوى سياسية وحريات اقتصادية أكثر, آمن كارل ماركس وفريدريك انجلز أنه حان الوقت لإعطاء طبقة العمال حقوقهم.
“أيها العمال من جميع العالم, اتحدوا” كانت هذه العبارة نداء صارخ في البيان الرسمي الشيوعي, الذي أنشآه ماركس وانجلز, وكانت هذه الكلمات هي السطر الختامي في البيان. البيان الشيوعي هذا هدد بزعزعة أسس الرأسمالية الأوروبية, وبشر ببدء نظام اجتماعي جديد. هذا الاقتباس, الذي كان نداءاً لطيفاً للتغيير, أصبح هديراً يصمّ الآذان.
ثورات عام 1848 م كانت نتيجة مباشرة لهذا الشعار, هذه الثورة الواسعة الانتشار غيرت معالم كلاً من فرنسا وألمانيا وإيطاليا والنمسا. ويعتبر البيان الشيوعي أحد أكثر الوثائق العالمية قراءةً في العالم.
تم نزع حكومات الطبقة العاملة من مراكزها القوية وسلطاتها, مما سهل لطبقات اجتماعية أخرى أن يُسمع صوتها في عالم السياسة. هذا الاقتباس هو صوت نظام اجتماعي جديد, الذي كان له الأثير الكبير في تغيير التاريخ.
- نيلسون مانديلا
“I have cherished the ideal of a democratic and free society in which all persons live together in harmony and with equal opportunities. It is an ideal, which i hope to live for and to achieve. But if needs be, it is an ideal for which i am prepared to die”
” لطالما قدرت فكرة المجتمع الحر والديمقراطي المثالي, المجتمع الذي يعيش فيه الجميع بانسجام ومع فرص متساوية. انه مجتمع مثالي, والذي أتمنى أن أعيش لأجله وأحققه . وإذا لزم الأمر, أنا على استعداد للموت من أجله”
المؤتمر الوطني الأفريقي, تحت قيادة مانديلا, قاد مظاهرات مختلفة وحملات عصيان مدنية, وغيرها من الاحتجاجات السلمية ضد التفرقة العنصرية. أصبح نيلسون مانديلا الواجهة للحركة المناهضة للتفرقة العنصرية. وقد حشد المجتمع الأسود في جنوب أفريقيا ووحدهم للصمود ضد النظام القمعي الذي مارسته الحكومة البيضاء. وقد دفع ثمناً عظيماً لأرائه الديمقراطية.
في أبريل 1964 م, في قاعة المحكمة المكتظة في جوهانسبرغ, واجه نيلسون مانديلا محاكمة متهماً فيها بالإرهاب والفتنة! وفي هذا اليوم التاريخي, خطب نيلسون مانديلا خطاباً موجهاً للجمهور المجتمع في المحكمة, هذا الاقتباس كان آخر ما قيل من خطابه, وقد كان له ردة فعل قوية في جميع أنحاء العالم. خطاب مانديلا الحماسي هذا قد عقد ألسنة العالم أجمع. ولمرة واحدة, استطاع مانديلا أن يهز أسس حكومة التفرقة العنصرية. استمرت كلماته في إلهام ملايين من الشعوب المظلومة في جنوب أفريقيا لإيجاد فرص جديدة للحياة. و لازال هذا الاقتباس يتردد في الأوساط السياسية والاجتماعية كرمز لصحوة جديدة.
- رونالد ريجان
“Mr. Gorbachev, tear down this wall.”
“سيد غورباتشوف, هدّم هذا الجدار”
بالرغم من أن هذا الاقتباس يشير إلى جدار برلين الذي قسم ألمانيا إلى شرقية وغربية, إلا أنه يعتبر إشارة رمزية لنهاية الحرب الباردة. عندما قال ريجان هذا السطر المشهور في خطابه عند بوابة براندنبورغ, بالقرب من جدار برلين في 12 يونيو, 1987م, كان يقدم نداءاً جاداً لزعيم الاتحاد السوفيتي ميخائيل غورباتشوف, في محاولة لإذابة الجليد بين البلدين, ألمانيا الشرقية وألمانيا الغربية. من ناحية أخرى, كان غورباتشوف, زعيم الجهة الغربية, قد بدأ برسم طريق لإصلاح الاتحاد السوفيتي عبر تدابير ليبرالية مثل البيريسترويكا. لكن ألمانيا الشرقية, التي كان يحكمها الاتحاد السوفييتي, كانت مكبوتة ومخنوقة بضعف في النمو الاقتصادي وبالحريات المقيّدة. ريجان, رئيس الولايات المتحدة الأربعين كان زائراً لغرب برلين في ذلك الوقت, لم يرى أي تأثير مباشر على جدار برلين رغم ذلك التحدي الجريء. مع ذلك, كانت الصفائح البنائية للمشهد السياسي قد تحولت فعلاً في أوروبا الغربية. يعتبر عام 1989 ذا أهمية تاريخية. ففي تلك السنة, تداعت كثير من الأشياء, من ضمنها جدار برلين والاتحاد السوفيتي, الذي اعتبر قوة كونفدرالية دولية, انهار أيضاً ليلد عدة دول مستقلة. وأخيراً انتهت الحرب الباردة التي هددت بسباق مسلح نووي عالمي . قد لا يكون خطاب ريجان هو السبب المباشر لهدم جدار برلين, لكن عدة محللين سياسيين يعتقدون أن كلماته أثارت صحوة بين سكان أهل برلين الشرقية, والتي أدت في النهاية إلى سقوط جدار برلين. اليوم, هناك عدة بلدان تواجه نزاعات واختلافات مع الدول المجاورة لها, ولكن نادراً ما نواجه حدث تاريخي يضاهي أهمية سقوط جدار برلين.
——————————————–
المصدر :